يمكننا أن نتحدث إلى ما لا نهاية عن المظاهر الخطيرة التي صدمتنا جميعا إثر الإعلان عن نتائج انتخابات البرلمان التاسع عشر، دون أن ننسى قضية البلطجية وفارضي الإتاوات وهي ليست ببعيدة، ولكن القانون الذي يشكل أحد أهم عناصر كيان الدولة كان أمام اختبار صعب، ما بين الوعي الشعبي وثقافته القانونية، وما بين سلطته وقوته عندما “يطبق على الجميع دون استثناء لأحد “.
ذلك التعبير الذي استخدمه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في رسالته الواضحة، وهو يؤكد ” نحن دولة قانون” ويصف ما حدث بأنه خرق واضح للقانون، وتعد على سلامة وصحة المجتمع، ولا يعبر عن الوعي الحقيقي للغالبية العظمى من المواطنين في جميع المحافظات، وذلك يعني أن اختراق القانون قد تمثل في مظهرين واضحين، الأول في تجاوز أوامر الدفاع الخاصة بجائحة كورونا، والثاني إطلاق الرصاص بكل ما يترتب على ذلك من مخاطر على حياة المواطنين، فضلا عن نوعية الأسلحة المستخدمة، وعلامات الاستفهام حول طبيعتها ومصادرها.
الاستفادة من الدرس، أو تعليم الدرس لمن يشكك في قوة الدولة، وقدرتها على حماية مواطنيها، والحفاظ على أمنها واستقرارها هو المنطلق الأكيد للحملة الأمنية التي تتلاقى فيها المسؤوليات والجهود المشتركة لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية ووزارة الداخلية، وبدعم وتأييد من الأردنيين الذين لا يغيب عن وعيهم، ولا عن وطنيتهم التهديد المحتمل لسلامة الدولة إن هي غضت النظر عن مسألة حملت في ظاهرها فرحة البعض بفوز عدد محدود من المترشحين، وتحمل في باطنها تحدي النظام العام عن قصد أو عن غير قصد.
لسنا بصدد حسن او سوء النوايا، ولكننا أمام وضع معقد للغاية، ومرتبط بسلسلة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والوبائية وغيرها، وبتطورات إقليمية ودولية مريبة، ونحن وسط هذا الواقع الخطير لا نملك رفاهية التبرير أو التقليل من خطورة المظاهر التي رأيناها، ولا التي لم نتمكن من رؤيتها، ليس لأنها لم تعرض على مواقع التواصل الاجتماعي، بل لأنها تراجعت أمام قوة الدولة، ووحدة ووعي شعبها، وذلك هو درس دولة القانون والمؤسسات.